الاختلاف : أسبابه وآدابه:
بقلم:
مولاي إسماعيل ولد الشريف
بسم الله الرحمن الرحيم
الاختلاف والخلاف والمخالفة أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر[1]، إما في حاله أو قوله من غير تنازع ولا شقاق[2]، ومنه قوله تعالى : (فرح المخلفون مقعدهم خلاف رسول الله) أي مخالفة رسول الله[3]، ويقال قوم خلفة أي مختلفون ، ورجل خالفة أي كثير الخلاف[4] هذا في الأصل اللغوي وإنما أطلق الخلاف على التنازع استعارة لما يقع من كثير من الناس[5].
والخلاف أعم من الضد لأن كل ضدين مختلفان، وليس كل مختلفين ضدين، ولما كان الاختلاف بين الناس في القول قد يقتضي التنازع استعير ذلك للمنازعة والمجادلة، قال تعالى:(فاختلف الأحزاب )،( ولا يزالون مختلفين )،(فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه)[6] .
والفرق بين الاختلاف والخلاف: أن الاختلاف ما كان في الطرق الموصلة دون ما كان في المقاصد والأهداف،والخلاف يكون في الطرق وفي المقاصد.
كما أن الاختلاف يطلق على ما كان ناتجا عن الأخذ بدليل أو أصل لذلك الرأي والخلاف فيما لا يستند على دليل[7].
ويقول العلامة الشيخ عبد الله بن بية-حفظه الله-[8]:الاختلاف هو التباين في الرأي والمغايرة في الطرح وقد ورد فعل (الاختلاف)كثيرا في القرآن الكريم (فاختلف الأحزاب من بينهم)[9]،(فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)[10].
أما الخلاف فجاء الفعل في القرآن بنسبة أقل( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه)[11]، ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره )[12].
وجاء بمعنى: مختلف؛( لا يلبثون خلافك إلا قليلا)[13]( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف..)[14].
والاختلاف قد يوحي بشيء من التكامل كما في قوله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها)[15]وأما الخلاف فإنه لا يوحي بذلك.
والاختلاف غالبا ما ينصب على الرأي ، اختلف مع فلان في كذا ،والخلاف ينصب على الشخص ، ثم إن الاختلاف لا يدل على القطيعة ، بل قد يدل على بداية الحوار فإن ابن مسعود اختلف مع أمير المؤمنين عثمان-رضي الله عنهما- في مسألة إتمام الصلاة في سفر الحج ولكنه لم يخالفه بل أتم معه ،وقال الخلاف كله شر[16] ، وقد يدل الخلاف على القطيعة .
هذه الإيحاءات والظلال جعلتنا نفضل كلمة الاختلاف التي قد تكون مقدمة للتفاهم والتكامل[17].
والخلاف والاختلاف سنة كونية قدرية[18]اقتضتها حكمة الله تعالى من خلقه وهو شامل للأديان والفرق والمذاهب ، يقول الله تعالى : (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)[19]، وقال تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)[20]
، وقال تعالى : ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)،وعن عمرو بن العاص-رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)[21].
أنواع الاختلاف:
الاختلاف قسمان : محمود ومذموم[22]، وإن شئت قل : اختلاف تنوع وتضاد[23]:
فما كان بين الأديان فيما يتعلق بالعقائد الثابتة الصحيحة،كخلافنا مع اليهود في قولهم (عزير ابن الله )، والنصارى في قولهم: (المسيح ابن الله)، وقولهم: إنه ثالث ثلاثة، تعلى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
والخلاف بين الفرق الإسلامية مما أدى إلى التفرق والخلاف كخلاف المعتزلة والجهمية والخوارج والشيعة من أهل القبلة مع أهل السنة؛ بل وما كان بين أهل السنة مما أدى إلى التنازع والشقاق فذلك كله مذموم وإن تفاوتت درجاته.
أما الاختلاف المحمود فهو كل اختلاف وقع في مسألة علمية أو عملية ولم يؤد إلى تفرق أو منازعة وخصام ، وكان مبنيا على دليل ولو كان مرجوحا ، ويدخل في هذا أغلب مسائل الخلاف بين المسلمين .
يقول ابن تيمية – رحمه الله-: وما زال كثيرٌ من السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحدً منهم على أحد لا بكفر ولا فسق ولا معصية .
وذلك لأن المصيب منهم مأجور مرتين والمخطأ مأجور بأجر، وخطأه مغفور له، ومن الابتداع في الدين تضليه أو تكفيره بل تأثيمه لأن الله تعالى رفع الله عنه الإثم في خطأه ، يقول ابن أبي العز الحنفي- رحمه الله - "وأهل الضلال يجعلون الخطأ والإثم متلازمين ، فتارة يغلون فيهم ويقولون إنهم معصومون ، وتارة يجفون عنهم ويقولون إنهم باغون بالخطإ ، وأهل العلم والإيمان لا يعصمون ولا يؤثمون ، ومن هذا الباب تولد كثيرً من فرق أهل البدع والضلال ".
ومع أنا لا نؤثمه ونعتقد أنه مأجور إلا أننا لا نتبعه في خطأه الذي تبين لنا لأن كل أحد – ما عظم في نفسنا لعلمه وورعه ، غير المعصوم صلى الله عليه وسلم – فهو يصيب ويخطىء وخطأه مردود لا يجوز لمن تبين له ذلك الخطأ أن يتبعه فيه كائنا من كان ، يقول الذهبي – رحمه الله- : إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلـله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك[24].
أهم أسباب الاختلاف:
أسباب الخلاف كثيرة توسع فيها العلماء في أصول الفقه وفي بعض مقدمات كتب التفسير، وفي كتب الفقه ولا مجال هنا للتفصيل ، ولا شك أن الأدلة ومسائل النظر تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
أ- أدلة محكمة ، والمحكم هو البين المعنى الثابت الحكم ، كأركان الإسلام والإيمان.
ب- أدلة ظنية في ثبوتها ، أو في دلالتها.
ج- مسائل مسكوت عنها متروكة لنظر المجتهد.
ولا يخفى أن الأدلة المحكمة التي لا خلاف فيها بين أهل العلم هي أقلها، مما جعل مسائل الاختلاف كثيرة[25] كما هي الحال في أسبابها التي يرجع أهمها في نظري إلى :
1- الاختلاف في الفهم والإدراك لما بين العقول من تفاوت، ومن أمثلته :ما ذكره السيوطي – رحمه الله في شرحه على سنن النسائي لقوله صلى الله عليـه وسلم : ( أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)فقال: قال الحاكم في مناقب الشافعي : من لطيف استنباطه ( يعني الشافعي) ما رواه محمد بن جرير الطبري عن الربيع قال كان الشافعي يوما بين يدي مالك بن أنس فجاء رجل إلى مالك فقال: يا أبا عبد الله إني رجل أبيع القمري وأني بعت يومي هذا قمريا فبعد زمان أتى صاحب القمري فقال : إن قمريك لا يصيح فتناكرنا إلى أن حلفت بالطلاق أن قمريي لا يهدأ من الصياح ، فقال مالك : طلقت امرأتك ، فانصرف الرجل حزينا ، فقام الشافعي إليه وهو يومئذ ابن أربعة عشر سنة ، وقال للسائل : أصياح قمريك أكثر أم سكوته؟ قال السائل: بل صياحه ، قال الشافعي : امض فإن زوجتك ما طلقت، ثم رجع الشافعي إلى الحلقة ، فعاد السائل إلى مالك وقال: يا أبا عبد الله تفكر في واقعتي تستحق الثواب ، فقال مالك – رحمه الله: الجواب ما تقدم ، قال : فإن عندك من قال الطلاق غير واقع ، فقال مالك: ومن هو؟ فقال السائل : هو هذا الغلام ،وأومأ بيده إلى الشافعي ،فغضب مالك ،وقال : من أين هذا الجواب؟ فقال الشافعي: لأني سألته: أصياحه أكثر أم سكوته؟ فقال إن صياحه أكثر ، فقال مالك وهذا الدليل أقبح أي تأثير لقلة سكوته وكثرة صياحه في هذا الباب؟ فقال الشافعي:لأنك حدثتني عن عبد الله بن يزيد عن ِأبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول إن أبا جهم ومعاوية خطباني فبأيهما أتزوج؟ فقال لها : (أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فلايضع عصاه عن عاتقه) وقد علم الرسول أن أبا جهم كان يأكل وينام ويستريح ، فعلمنا أنه عليه السلام عنى بقوله ( لا يضع عصاه عن عاتقه)على تفسير أن الأغلب من أحواله ذلك ،فكذا هنا حملت قوله هذا القمري لا يهدأ من الصياح على أن الأغلب من أحواله ذلك ،فلما سمع مالك ذلك تعجب من الشافعي ولم يقدح في قوله البتة[26].
2- الاختلاف الراجع إلى النصوص الشرعية صحة أو ضعفا، أو نسخا ، أو تخصيصا، أو علما ، أو جهلا، وأمثلته كثيرة، يقول ابن تيمية –رحمه الله : فما جاء به الكتاب والسنة من الخبر والأمر والنهي وجب اتباعه ولم يتلفت إلى من خالفه كائنا من كان ولم يجز اتباع أحد في خلاف ذلك كائنا من كان كما عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة من اتباع الرسول وطاعته ،وإن الرجل الذي صدر عنه ذلك يعطى عذره حيث عذرته الشريعة بأن يكون مسلوب العقل أو ساقط التمييز أو مجتهدا مخطئا اجتهادا قوليا أو عمليا أو مغلوبا على ذلك الفعل أو الترك بحيث لا يمكنه رد ما صدر عنه من الفعل المنكر بلا ذنب فعله ولا يمكنه أداء ذلك الواجب بلا ذنب فعله ويكون هذا الباب نوعه محفوظا بحيث يتبع ما خالف الكتاب والسنة ولا يجعل ذلك شريعة ولا منهاجا بل لا سبيل إلى الله ولا شرعه إلا ما جاء به محمد رسول الله.
وأما الأشخاص الذين خالفوا بعض ذلك على الوجوه المتقدمة فيعذرون ولا يذمون ولا يعاقبون فإن كل واحد من الناس قد يؤخذ من قوله وأفعاله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما من الأئمة إلا من له أقوال وأفعال لا يتبع عليها مع أنه لا يذم عليها، وأما الأقوال والأفعال التي لم يعلم قطعا مخالفتها للكتاب والسنة بل هي من موارد الاجتهاد التي تنازع فيها أهل العلم والإيمان؛ فهذه الأمور قد تكون قطعية عند بعض من بين الله له الحق فيها؛ لكنه لا يمكنه أن يلزم الناس بما بان له ولم يبين لهم[27].
وهذا النوع ما كانت درجته من الضعف لا تسقط به عدالة المخالف ما دام مجتهدا يعتمد على دليل ولو كان ضعيفا ومن هنا قال الإمام الشافعي – رحمه الله: (والمستحل لنكاح المتعة والمفتى بها والعامل بها ممن لا ترد شهادته)[28]، وقال : (وكل من تأول فأتى شيئا مستحلا كان فيه حد أو لم يكن لم ترد شهادته بذلك ألا ترى أن ممن حمل عنه الدين ونصب علما في البلدان من قد يستحل المتعة فيفتى بأن ينكح الرجل المرأة أياما بدراهم مسماة وذلك عندنا وعند غيرنا من أهل الفقه محرم وأن منهم من يستحل الدينار بعشرة دنانير يدا بيد وذلك عندنا وعند غيرنا من أهل الفقه محرم وأن منهم من قد تأول فاستحل سفك الدماء ولا نعلم شيئا أعظم من سفك الدماء بعد الشرك ومنهم من تأول فشرب كل مسكر غير الخمر وعاب على من حرمه وغيره يحرمه، ومنهم من أحل إتيان النساء في أدبارهن وغيره يحرمه، ومنهم من أحل بيوعا محرمة عند غيره فإذا كان هؤلاء مع ما وصفت وما أشبهه أهل ثقة في دينهم وقناعة عند من عرفهم وقد ترك عليهم ما تأولوا فأخطأوا فيه ولم يجرحوا بعظيم الخطأ إذا كان منهم على وجه الاستحلال كان جميع أهل الاهواء في هذه المنزلة فإذا كانوا هكذا فاللاعب بالشطرنج وإن كرهناها له وبالحمام وإن كرهناها له أخف حالا من هؤلاء بما لا يحصى ولا يقدر)[29].
3- الاختلاف الراجع إلى دلالة اللغة ، سواء أكان ذلك في لفظ واحد أم في عدة ألفاظ ، فمثال الأول قوله تعالى:( وامسحوا برءوسكم ) ففهم البعض منها وجوب مسح الرأس كله ، وفهم منه آخرون مسح الجزء ، والباء هنا تحتمل كل ذلك في وضعها اللغوي ، ومثال الثاني وقوع المخبر به على أحوال شتى كقوله تعالى في خلق آدم –عليه السلام – (إنه من تراب)، ومرة (من حمإ مسنون) ومرة: (من طين لازب)،ومرة: (من صلصال كالفخار)، وهذه الألفاظ مختلفة ومعانيها في أحوال مختلفة[30].
4- الاختلاف الراجع إلى الاختلاف في الأصول والقواعد من حيث الاعتبار والتقديم والتأخير كعمل أهل المدينة، والاستحسان، وشرع من قبلنا، والمصالح المرسلة ...إ:لخ.
وهو كله من قبيل الاختلاف المعفو عنه لأن أصحابه ينطلقون من مرجعية واحدة هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، يقول ابن تيمية –رحمه الله: فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة[31]، ولا سيما من عرف بحسن النية والقصد ، وكانت لديه الأهلية العلمية الشرعية واللغوية ، ولم يؤد اختلافه إلى الشقاق والتنازع الذي نفى الله أن يكون رسولنا صلى الله عليه وسلم من أهله في قوله تعالى : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)، وقال تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)[32] وقوله تعالى:(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات)[33] مع قول النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)[34]، ومعلوم أن خطأه يخالف صواب غيره، ومع ذلك كان مأجورا.
ولذا لم يتنازع المجتهدون من عهد الصحابة وإلى اليوم؛ وإن رأى بعضهم خلاف رأي الآخر بل كان كل منهم يحترم الآخر ويجله رغم كثرة ما يختلفون فيه من المسائل ، يقول ابن عطية - رحمه الله: وقد اختلف الصحابة في الفروع أشد اختلاف وهم يد واحدة على كل كافر[35]،ويقول الشاطبي:الاجتهاد الواقع في الشريعة ضربان:
أحدهما: الاجتهاد المعتبر شرعاً، وهو الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر الاجتهاد إليه.
والثاني: غير المعتبر، وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه، لأن حقيقته أنه رأي بمجرد التشهي .. فكل رأي صادر عن هذا الوجه فلا مرية في عدم اعتباره، لأنه ضد الحق الذي أنزله[36].
آداب عامة ينبغي للمختلفين مراعاتها:
1-إخلاص النية لله، والبحث عن الحق وإعلان قبوله.
2- البدء بالمتفق عليه وصولا إلى المختلف فيه.
3-حسن الاستماع والإصغاء.
4-تحسين العبارة والبعد عن الألفاظ النابية، لعموم قوله تعالى:(وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا)[37] ، يقول القرطبي –رحمه الله- في تفسيرها: وهذا كله حض على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس ليناً، ووجهه منبسطاً طلقاً مع البر والفاجر والسني والمبتدع من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه.
ثم قال: فيدخل في هذه الآية اليهود والنصارى فكيف بالحنيفي[38]؟!
5-العبد عن رفع الصوت أكثر من المطلوب.
6-العذر بالجهل.
7-العذر بالاجتهاد، يروى أبو عمر أن القاسم بن محمد سئل عن القراءة خلف الإمام فيما لم يجهر به فقال: إن قرأت فلك في رجال من أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، وإذا لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله أسوة[39]
وهذا يوجب البعد عن تأثيم المخالف ما دام مجتهدا معتمدا على دليل ولو كان ضعيفا من وجهة نظر المخالف.
8- العذر باختلاف العلماء.، يقول النووي- رحمه الله-: ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً[40] .
9-الرفق في التعامل ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه)
10- العلم والإحاطة بمسألة الخلاف قبل الكلام فيها[41]، فليس لكل أحد الحق في الإنكار على العلماء وإنما ذلك لأهل العلم العالمين به، يقول المناوي –رحمه الله: في شرح حديث : ( اختلاف أمتي رحمة) : أمتي أي مجتهدي أمتي في الفروع التي يسوغ الاجتهاد فيها فالكلام في الاجتهاد في الأحكام[42]، وهذا العلم شامل لمعرفة الأحكام ومعرفة واقع الناس ليتمكن العالم من أنزال الأحكام بشكل صحيح[43].
يقول الإمام الشافعي-رحمه الله-: كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصا بينا لم يحل الاختلاف فيه[44]
11-مراعاة المصالح الشرعية في الإنكار.[45]، فالمصلحة لا تعتبر إلا بتلك الشروط ، فلا مصلحة في الربا وإن زعم الناس الاضطرار إليه[46].
بعض أمثلة الخلاف بين السلف:
أولا: بعض أمثلة اختلافهم في الإيمانيات:
1-اختلافهم في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه - فعن أبي ذر؛ قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال "نور أنى أراه"[47].
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم[48].وفي بعض الروايات أنها تلت قوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار)[49]، وقد خالفهما ابن عباس – رضي الله عنهما في ذلك ومن وافقه[50] .
2-اختلافهم في الإسراء ، وهل كان بالروح أم بالجسد ؟فقد ذهب بعض السلف والخلف إلى أنه كان بالروح ، وإن كان المشهور الراجح أنه كان بالروح والجسد معا ، يقول القاضي عياض -رحمه الله-:والحق الذى عليه أكثر الناس، ومعظم السلف، وعامة المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين، أنه أسري بجسده صلى الله عليه وسلم، والآثار تدل عليه لمن طالعها وبحث عنها، ولا يعدل عن ظاهرها إلاّ بدليل ولا استحالة فى حملها عليه فيحتاج إلى تأويل،ويقول القرطبي:اختلف في ذلك السلف والخلف ، فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح ،ولم يفارق شخصه مضجعه ،وأنها كانت رؤيا رأى فيها الحقائق ، ورؤيا الأنبياء حق ، وذهب إلى هذا معاوية وعائشة ، وحكي عن الحسن وابن إسحاق.
وقالت طائفة : كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس ، وإلى السماء بالروح ، واحتجوا بقوله تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)[51] فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء....
وذهب معظم السلف والمسلمين إلى أنه كان إسراء بالجسد وفي اليقظة ،وأنه ركب البراق بمكة ووصل إلى بيت المقدس وصلى فيه ثم أسري بجسده ..ثم ذكر أدلة ذلك ومرجحاته[52]، ومع هذا الخلاف لم يكفر أحد منهم الآخر أو يفسقه أو يضلله مع أن الأمر يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن الكريم!
3-عذاب القبر:لم يختلف أهل السنة في عذاب القبر لما ورد فيه من نصوص كثيرة،كقوله تعالى : ( النار يعرضون عليها غدواً وعشيّاً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)[53] ولحديث أبي هريرة رضي الله عند مسلم: وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من عذاب القبر، وعذاب جهنم، وفتنة الدجال)، وغير ذلك من الأدلة الكثيرة الصحيحة،ونقل الإمام الأشعري في الإبانة إجماع السلف من الصحابة والتابعين على ذلك.
لكنهم اختلفوا هل العذاب يقع على الجسد والروح أم على الجسد وحده،أم على الروح وحدها ؟
يقول الحافظ ابن حجر : وقد أخذ ابن جرير وجماعة من الكرامية من هذه القصة أن السؤال في القبر يقع على البدن فقط ،وأن الله يخلق فيه إدراكا بحيث يسمع ويعلم ويلذ ويألم.
وذهب ابن حزم وابن هبيرة إلى أن السؤال يقع على الروح فقط من غير عود إلى الجسد .
وخالفهم الجمهور فقالوا تعاد الروح إلى الجسد أو بعضه كما ثبت في الحديث ، ولو كان على الروح فقط لم يكن للبدن لذلك اختصاص.
ومما قاله الحافظ في الرد على تلك الأقوال المخالفة لما عليه الجمهور قوله : وإنما أتى الغلط من قياس الغائب على الشاهد وأحوال ما بعد الموت على ما قبله، والظاهر أن الله تعالى صرف أبصار العباد وأسماعهم عن مشاهدة ذلك وستره عنهم إبقاء عليهم لئلا يتدافنوا وليس للجوارح الدنيوية قدرة على إدراك أمور الملكوت إلا ما شاء الله .
وقد ثبتت الأحاديث بما ذهب إليه الجمهور كقوله( إنه ليسمع خفق نعالهم) وقوله : (تختلف أضلاعه لضمة القبر ).. وقوله : ( فيقعدانه)وكل ذلك من صفات الأجساد[54].
فأنت تلاحظ أنهم-رحمهم الله- رغم اختلافهم في هذه المسأئل المتعلقة بالعقيدة إلا أنهم لم يتهم بعضهم الآخر في دينه ولم يقل لكفرهم ولا لضلالهم ولا لفسقهم وإنما قال ، وإنما أتاهم الغلط من كذا وكذا ،وهكذا يجب أن يكون المسلمون لأن الكل يريد الحق ويسعى إليه ولكن لا يلزم أن نتفـــق في الفهم، ولا في النتيجة! ولو أراد الله ذلك لأنزل شرعا لا تحتمل دلالته سوى معنى واحد.
4-اختلافهم في القراءات فمنهم من يثبت ما صح عنده ، من ذلك قراءة ( بل عجبتُ ويسخرون)[55] حيث قرأها حمزة والكسائي وخلف بالضم ،وقرأ الباقون بفتحها[56]ومعلوم خلاف ابن مسعود مع عثمان –رضي الله عنهما- في القرآن.
يقول ابن تيمية –رحمه الله-: مؤكدا وجود الخلاف في الفروع والأصول :
أما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول (أي العقيدة) وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع (أي الفقه) فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام، وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع وهو تفريق متناقض فإنه يقال لمن فرق بين النوعين: ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطىء فيها؟ وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع؟ فإن قال: مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هي مسائل العمل قيل له: فتنازع الناس في محمد هل رأى ربه أم لا؟ وفى أن عثمان أفضل من علي أم على أفضل؟ وفى كثير من معاني القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هي من المسائل الاعتقادية العلمية ولا كفر فيها بالاتفاق[57].
وتأمل ما قاله الذهبي –رحمه الله- في ابن خزيمة وتأوله للصفات:"فليُعذر من تأول بعض الصفات، وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا[58].
ثانيا: الأمثلة على خلاف السلف في الفروع:
أما الأمثلة في الفروع فلا يمكن حصرها لأن أغلب المسائل وقع فيها الخلاف بدءا بالنية في والضوء والغسل ،ونقض الوضوء بلحم الإبل والخارج من الجسد ،وفي الأذان وفي رفع اليدين في الصلاة ،وفي الجهر بالبسملة، والتأمين، وفي التسليم بواحدة أم باثنتين،وفي تارك الصلاة تكاسلا! وفي مسافة القصر ،وفي المرض المبيح للفطر،وفي التمتع في الحج،وفي الغناء بالمزامير[59] وفي أنواع كثيرة من البيوع ، وفي توريث الجدة ،وفي الطواف بالبيت قبل الوقوف بعرفة فمنعه ابن عباس ورد عيه ابن عمر بقوله: قد حج رسول الله صلى الله عيه وسلم فطاف بالبيت قبل أن يأتي الموقف ثم قال للسائل : فبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تأخذ أم بقول ابن عباس؟[60].... يقول أبو عمر بن عبد البر- رحمه الله:والذي أقول به- وبالله التوفيق- إن الاختلاف في التشهد، وفي الأذان والإقامة وعدد التكبير على الجنائز وما يقرأ ويدعى به فيها، وعدد التكبير في العيدين ،ورفع الأيـدي في ركوع الصلاة وفي التكبير على الجنائز، وفي السلام من الصلاة واحدة أو اثنتين، وفي وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة وسدل اليدين في القنوت وتركه ، وما كان مثل هذا – اختلاف في مباح كالوضوء واحدة واثنتين وثلاثا[61].
وما أجمل هذه العبارة : خلاف في مباح، وذلك للاختلاف في الأدلة وفي النقل عن الصحابة والتابعين، ولا شك أن فيه راجحا ومرجوحا، إلا أنه في حق من لم يظهر له ذلك هو مباح.
ويذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك فلا يكتفي بالإباحة بل يرى أنه رحمة وسعة ، ولا شك أنه كذلك، يقول ابن تيمية – رحمه الله- : إن رجلا ألف كتابا في زمن الإمام أحمد- رحمه الله- سماه (الاختلاف)فقال له: لا تسميه كتاب (الاختلاف)ولكن سميه كتاب السعة[62]،ويقول عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد –رحمه الله-: ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يختلفوا، لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا، كان في الأمر سعة[63]،ويقول ابن مسعود -رضي الله عنه-:ما أحب أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا[64]،فهو اختلاف رحمة بهذه الأمة المرحومة[65]، وأصل هذا ما رواه مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها- في جوابها لمن سألها : كيف كان يوتر رسول الله؟من أول الليل أو من آخره؟فقالت : كل ذلك قد كان يصنع ..الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة)[66].
ولا يعني هذا أنهم لم يكونوا يختلفون بل كان الاختلاف يقع منهم في كثير من المسائل لكنهم لا يختلفون، والقلوب لا تتغير[67]وإذا وقع ذلك في آحادهم عد نادرا وخطأ يجعل أهل العلم لا يقبلون قول ذلك الشخص فيمن أظهر بغضه مهما كانت عدالته كما وقع من ابن أبي ذئب، مع الإمام مالك –رحمهما الله .
ومن أحسن ما يروى في هذا قول الإمام الشافعي – رحمه الله- لتلميذه يونس بن عبد الأعلى: ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة[68].
أي حتى لو اختلفنا في جميع المسائل فإن الواجب أن نبقى إخوانا،ومن هذا القبيل قول الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- لما سئل هل تعيد الصلاة خلف من لا يرى نقض الوضوء من الخارج من البدن؟ قال ويحك وهل أوعيد الصلاة خلف مالك وسعيد بن المسيب؟[69].
- يقول الذهبي في ترجمة قتادة :"وكان يرى القدر نسأل الله العفو ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده ولا يسأل عما يفعل، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلـله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك[70]
ويروى عن يزيد بن علي[71] أنه جلس إليه قوم من أهل العراق فذكروا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ونالوا منهما، ثم ابتدءوا بعثمان فأوقفهم، وقال لهم: أخبرونا أنتم من المهاجرين الأولين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، وينصرون الله ورسوله ؟ قالوا : لا. قال : أفأنتم من الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم ؟ قالوا : لا. فقال : أما أنتم فقد أقررتم على أنفسكم، وشهدتم على أنفسكم على أنكم لستم من أولئك، ولا من هؤلاء... وأنا أشهد أنكم لستم من الفرقة الثالثة التي قال الله تعالى في أصحابها : { والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم }[72]، ثم طردهم بقوله : قوموا عني، لا بارك الله فيكم، ولا قرب دوركم... أنتم مستهزئون بالإسلام، ولستم من أهله[73].
ثالثا: يلاحظ أن السلف تكرر عنهم قول وفعل بعض الأمور التي ربما تنكر ، ولم يحملهم على ذلك سوى الخوف من الغلو والتشدد في دين الله تعالى، وبيان الدين للناس ولذلك أمثلة أكثيرة أكتفي ببعضها:
1- حديث أنجشة وفيه قال أبو قلابة فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه [74]وهو لم يقل ذلك إلا إنكارا على المتشددين وإلا فمن أورع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن ذا الذي يتورع عن قول قاله صلى الله عليه وسلم وسلم!؟.
2- ومن ذلك فطره صلى الله عليه وسلم في السفر وفي يوم عرفة .
3- ومنه صلاته حاملا أمامة على عاتقه حتى يعالج ما بالنفوس من كراهية البنات وعدم الاعتزاز بهن[75] وتسميته لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين في مثل قوله ( على رسلكما إنها صفية) ، وقوله : ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت ...) وقوله : ( أي زيانب....)،كل ذلك علاج للنفوس وما علق بها من أدران الجاهلية من ازدراء النساء عند بعضهم، أو شدة الغيرة عن البعض الآخر ، ولا أحد أغير من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا أكثر حرصا على عرضه وأعراض المسلمين.
4- ومنه شرب علي بن أبي طالب واقفا وأخبر أنه فعل ذلك لوجود من ينكره وأخبر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل مثل ذلك[76].
5- ومنه إنشاد ابن عباس لشعر الغزل وهو محرم لوجود من ينكر ذلك .
6- صلاة جابر وليس على كتفيه شيء وملابسه معلقة على المجشب وقول لمن أنكر عليه فعلتها لتتعلم أنت وأمثالك أو نحو ذلك.
7- تأخير أبو بكر لصلاة الصبح،وابن عباس وعلي – رضي الله عنهما- لصلاة العصر إلى آخر وقتهما تعليما وبيانا.
واقع السلمين اليوم:
ذلك قبس مما كان عليه السلف من سعة الصدور وفهم الشريعة ومقاصدهاوحسن الظن بالآخرين، وكراهية الحديث في الناس ولاسيما من عرف حاله ، لكن المسلمين لم يظلوا على ذلك الفهم زمنا طويلا، بل وقعت الفتن وظهرت الخلافات السياسية التي نتج عنها سوء الظن بالآخرين، وكثر التسرع في إصدار الأحكام على المخالفين ،يقول ابن تيمية رحمه الله:فقال : ( ما زالت الحنابلة والأشعرية في قديم الدهر متفقين غير متفرقين حتى حدثت فتنة ابن القشيري )[77] وظل الأمر يزيد حتى أصبحت ترى من يقول لك فلان يرد النصوص ،أو الجماعة الفلانية أو المذهب الفلاني يرد الحديث أولا يهتم بالعقيدة ونحو ذلك من الأحكــام العامــة الخطيرة،وربما قال ليس من أهل السنة!!
وليس لذلك المدعي فيما يفتريه من دليل سوى أن ذلك الشخص خالف رأيه واختياره، أو خالف مقلده شخصا أو جماعة،أو منهجه في الاستدلال وهو بذلك لم يفرق بين مخالفة الوحي ومخالفة فهم الوحي ولو أخطأ صاحبه.
وأدخل بذلك القصور في الفهم على الأمة ضررا كبيرا أشغل الناس وأذهب كثيرا من الجهود في غير وجهتها، ولو حسنت النيات وتعلم الناس أدب الخلاف ، وفهموا حقيقته ورجعوا إلى ما كان عليه السلف فعلا لزالت تلك الظواهر المرضية أو خفت ،وصرفت تلك الجهود الكثيرة والأموال الطائلة فيما ينفع الناس ويمكث في الأرض ، وقد بين لنـا علمـــاؤنا الكــرام-رحمهم الله- المنهج الحق في هذا يقول الذهبي_رحمه الله-في ترجمة محمد بن نصر المروزي- : لو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورا له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا من هو أكبر منهما...فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة.
إنه يرى – رحمه الله – ذلك من الفظاظة واتباع الهوى الذي يجب أن يستعاذ منه .
نعم إن الفظاظة والتشدد شيء والعلم والورع وحب الخير وسعة الصدور مع المخالفين شيء آخر ، يقول الإمام الثوري – رحمه الله-: إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة فأما التشدد فيحسنه كل أحد[78]، ويقول أبو محمد بن حزم –رحمه الله-: إن كل طائفة ..معها حق وباطل فالواجب موافقتهم فيما قالوه من الحق ورد ما قالوه من الباطل ، ومن فتح الله له بهذا الطريق فقد فتح له من العلم والدين كل باب ويسر عليه فيها الأسباب[79]، ويقول ابن تيمية –رحمه الله-: والصواب أن يحمد من حال كل قوم ما حمده الله ورسوله[80].
من هنا كان ذلك الموقف العظيم للإمام مالك – رحمه الله- احتراما للآخرين وتقديرا لغيره مما حمله على منع الخليفة من فرض مذهبه على الناس لعلمه بما في ذلك من تضيق على المسلمين[81].
وجوب الأخوة في الدين وحسن القول للناس:
إن الواجب أن يتجه العلماء والدعاة إلى جمع كلمة المسلمين وحملهم على الوفاق وإن اختلفوا في مسائل ،لأن الأخوة الإسلامية والحرص عليها أمر مجمع عليه ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا لله لعلكم ترحمون) ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)،كما وردت نصوص في التحذير من الفرقة والنزاع كقوله تعالى : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) ونحو ذلك من النصوص القطعية في ثبوتها وفي دلالتها.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضا، ثم شبك بين أصابعه)[82]، يقول النووي رحمه الله تعالى : هذا الحديث صريح في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض، وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه[83].
وروى البخاري من حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ أنه سمع رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : (تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْواً تداعى له سائر جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، يقول ابن أبي جمرة: في شرح ( وتعاطفهم): الذي يظهر أن التراحم والتوادد والتعاطف وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف، فأما التراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شيء آخر، وأما التوادد فالمراد به التواصل الجالب المحبة كالتزاور والتهادي، وأما التعاطف فالمراد به إعانة بعضهم بعضا كما يعطف الثوب عليه ليقويه[84].
يقول ابن تيمية- رحمه الله- يستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا ، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغيير بناء البيت لما في إبقائه من ألفة القلوب ، وكما أنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متما وقال : الخلاف شر[85]، وقال عبد الله بن المبارك : إني لأسمع الحديث فأكتبه وما من رأيي أن أعمل به ، ولا أن أحدث به ، ولكن أتخذه عدة لبعض أصحابي إن عمل به أقول عمل بالحديث[86]، وهو قريب من قول وكيع بن الجراح – رحمه الله- أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم[87] .
ويقول الإمام الشافعي –رحمه الله:ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ[88]
وبالحرص على هذا يكون المسلم ولاسيما العلماء وطلاب العلم وأهل الدعوة عوامل وحدة لا عوامل فرقة ، يجنبون المسلمين الوقوع في أعراض الناس ولاسيما أهل الدين والدعوة ، روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم : (أيُّ المسلمين خير ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده)[89].
يقول الإمام النووي -رحمه الله- في شرح هذا الحديث ما نصه: فيه الحث على الكف عما يؤذي المسلمين بقول أو فعل، بمباشرة أو بسبب.
وفيه الحث على الإمساك عن احتقارهم.
وفيه الحث على تآلف قلوب المسلمين، واجتماع كلمتهم، واستجلاب ما يحصل ذلك، وقال القاضي عياض :والألفة إحدى فرائض الدين وأركان الشريعة ونظام شمل الإسلام[90].
وروى الإمام أحمد في مسنده عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (المؤمن مألفة، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف)[91]، قال المناوي -رحمه الله- في شرحه : المؤمن يألف لحسن أخلاقه، وسهولة طباعه، ولين جانبه، ويألف الخير وأهله، ويألفونه بمناسبة الإيمان، بل المؤمن مكان الألفة ومنتهاها. ومنه إنشاؤها، وإليه مرجعها، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف لضعف إيمانه، وعسر أخلاقه وسوء طباعه[92].
بل إن الله تعالى أمر المؤمن أن يعود نفسه القول الحسن مع جميع الناس ، قال تعالى : (وقولوا للناس حسنا)[93]يقول القرطبي-رحمه الله- في تفسيرها: قال طلحة بن عمر: قلت لعطاء إنك رجل يجتمع عندك ناس ذووأهواء مختلفة، وأنا رجل في حدة فأقول لهم بعض القول الغليظ؛ فقال:لا تفعل!يقول الله تعالى : (وقولوا لله حسنا)فدخل في هذه الآية اليهود والنصارى فكيف بالحنفي[94] ، ونقل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة –رضي الله عنها-( لا تكوني فحاشة فإن الفحش لو كان رجلا لكان رجل سوء).
ومن فضل السلف وورعهم واحترام بعضهم لبعض أنه كان إذا سئل أحدهم عن مسألة يحيلها إلى غيره ولا يتسرعون في الإجابات ولا يحبونها ويخافون منها ، فمن ذلك :
-قال ابن أبي ليلى – رحمه الله- أدركت مائة وعشرين من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدهم عن المسألة فيردها إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول وما منهم أحد يحث بحديث أو يسأل عن شيء إلاود أخاه كفاه[95].
- وسئلت أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- عن المسح على الخفين ،فقالت : سل عليا فإنه أعلم
الخاتمــــة:
تلك لمحات قصير أردت منها تذكير نفسي ومن شاء الله أن يطلعه عليه بشيء من أدب الاختلاف ونظرة السلف له ، في هذا الزمن الذي كثر فيه سوء الظن ،والإعجاب بالنفس، واتسعت فيه المسافة بين العلم والعمل ،ولا يخفى أن السلف –رضي الله عنهم – كانوا يتعلمون العلم وآدابه وكيفية نقله وتحمله وأدائه والأدب مع العلماء والمخالفين ، وبذلك عرفوا العمل الصالح،فأخذوا الإسلام سلوكا وتصورا،بالسند العملي المتصل وورثوا ذلك لمن بعدهم مما كان له الأثر البالغ على المسلمين في كل زمن ،وألفوا مؤلفات في صفات العالم المتخلق بالعلم وبينوها ، يقول الشاطبي إن من أهم ذلك أن يكون ممن رباه الشيوخ في العلم لأخذه عنهم وملازمته لهم فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك ، وهكذا كان شأن السلف الصالح فأول ذلك ملازمة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذهم بأقواله وأفعاله ، واعتمادهم على ما يردمنه كائنا ما كان ثم مثل بموقف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما يوم الحديبية ، وقول عمر – رضي الله عنه - :
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ : (بَلَى) قَال:َأَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: ( بَلَى) قَالَ: فَفِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟فَقَالَ : (يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا ) قَالَ : فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ :يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: ( بَلَى) قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ : (بَلَى). قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا ، قَالَ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَتْحِ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ فَتْحٌ هُوَ؟ قَال : نَعَمْ فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ[96] .
وعن أُمَّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ )قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَنْبَسَةُ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَنْبَسَةَ وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ )[97].
وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الرزاق : ما رأيت أحدا أحسن صلاة من ابن جريج ؛ قال : وأهل مكة يقولون : أخذ ابن جريج الصلاة من عطاء ، وأخذها عطاء من ابن الزبير ،وأخذها ابن الزبير من أبي بكر ،وأخذها أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم[98] ، وقد حكى أبو فهر المصري قال كان أبو بكر ابن إسحاق إذا ذكر عقل أبي علي الثقفي يقول : ذلك عقل مأخوذ من الصحابة والتابعين ، وذلك أن أبا علي أقام بسمرقند أربع سنين يأخذ تلك الشمائل من محمد بن نصر المروزي ، وأخذها ابن نصر عن يحي بن يحي فلم يكن بخراسان أعقل منه[99].
ويقول الذهبي – رحمه الله - : وبلغنا أن أبا داود كان من العلماء العاملين حتى إن بعض الأئمة قال : كان أبو داود يشبه بأحمد بن حنبل في هديه ودله وسمته ، وكان أحمد يشبه في ذلك بوكيع ، وكان وكيع يشبه في ذلك بسفيان ، وسفيان بمنصور ، ومنصور بإبراهيم ، وإبراهيم بعلقمة ، وعلقمة بعبد الله بن مسعود ، وقال علقمة : كان ابن مسعود يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله[100].
فأنت ترى كيف حرص كل واحد على فعل هذه الأفعال كما رأى من قبله يفعلها،وكيف كانوا يواظبون عليها كما رأوا من قبلهم، بل إن الأمر تجاوز التشبه في أداء الفرائض والسنن إلى التشبه بالسمة والدل ، وهكذا أخذوا العلم والعمل معا، وبهذا كان الصحابة رضي الله عنهم أفضل هذه الأمة ، أبرها قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا، اختارهم الله لصحبة نبيه ، ولإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعهم على آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم[101]كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ومن هنا كان حرص العلماء وطلاب العلم على ملازمة الشيوخ لأخذ الأدب عنهم والتخلق بأخلاقهم بدرجة مساوية لحرصهم على العلم نفسه بل حرص بعضهم على أخذ الأخلاق أكثر من العلم.
فهذا الإمام عبد الله بن المبارك العالم والورع الزاهد المجاهد المنفق – رضي الله عنه – يقول : طلبت الأدب ثلاثين سنة وطلبت العلم عشر سنيين[102] ولما فرغ يحي بن يحي الليثي من سماع الحديث من الإمام مالك – رحمهما الله- لازمه سنة بعد فراغه من سماعه ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنما أقمت مستفيدا لشمائله ، فإنها شمائل الصحابة والتابعين[103] ولاشك أنه كان يأخذ تلك الشمائل أثناء أخذه للعلم إلا أنه خصها بزمن معين لأهميتها عنده .
وقال أبو سعيد سحنون التنوخي : كان البهلول بن راشد رجلا صالحا ولم يكن عنده من الفقه ما عند غيره ، وإنما اقتديت به في ترك السلام على أهل الأهواء[104].
إننا بحاجة إلى هذه الملازمة الواعية لكي نتعلم أخلاق العلماء والدعاة فنحترم العلم والعلماء ،ونتعلم آداب الاختلاف وأصول الدعوة وحسن الأدب وكيف نخالط الناس ، وبذلك تزول ظواهر مرضية كثيرة كالتعالم والتسرع في الفتوى، والتعلق بغرائب العلم ، والطعن في العلماء والدعاة ، والردود المستعجلة ،واتهام النيات، وتزيكة النفوس ، وحب الدنيا وزخارفها ، إضافة إلى نقل الخبرات والتجارب التي تزيد في العقل والإيمان وفي ذلك توفير لطاقات علمية و دعوية مهمة لصرفها وتوجيهها إلى صالح الأمة وفيما تحتاجه الدعوة والأمة وبذلك يفوت على الأعداء الكثير مما يطمحون إليه .
وفقنا الله للتباع الحق وجعلنا هداة مهدين مع الذين أنعم الله عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . أبو أحمد
M2i@gawap.com
السيرة الذاتية:
مراجع البحث:
سير أعلام النبلاء 14/374. |
إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 2/63-68. |
الاستذكار1/218، |
الأم 6 / 222. |
الجامع لأحكام القرآن 2/16. |
الصحاح للجوهري 4/1357، وانظر |
العقيدة الطحاوية ص581،وفتاوى شيخ الإسلام13/333. |
الفتاوى 3/346،و |
المسند 1/73رقم 73. |
الموافقات للشاطبي 2/174،175. |
مجموع الفتاوى23/346. |
شرح النووي على صحيح مسلم 16/139. |
صحيح البخاري، 449 : 10 في كتاب الأدب. وصحيح مسلم، 139 / 16 في كتاب البر والصلة والآداب. |
|
[1] صحيح مسلم بشرح الإمام النووي في باب "تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل". |
|
فتح الباري 3/235ط : السلفية. |
|
ترتيب المدارك 1/53 |
جـهاد حـق ودائم، واشنطن- إبـراهيم بـن علي الوزير، زيـد بن عـلي منشورات كتاب واشنطن، 1999 |
|
أدب الختلاف في مسائل العلم والدين لمحمد عوامة). |
|
|
أحكام القرآن للقرطبي 2/131. |
آداب الاختلاف (موضوع مقدم للمؤتمر الإسلامي العام الرابع)الذي عقد بالرابطة في محرم من عام 1423هـ. |
آداب الاختلاف لعوامة ص 8. |
أدب الاختلاف للعلامة الشيخ عبد الله بن بيه ص17-19،و |
أدب الاختلاف؛ نهاية كلام الشيخ عبد الله بن بية . |
الاستذكار 4/282رقم الفقرة 5096. |
أصول الفقه للخضري بك ص |
الاعتصام للشاطبي |
الاعتصام للشاطبي |
بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي |
تذكرة الحفاظ للذهبي (في ترجمة أبي داود صاحب السنن ) |
ترتيب المدارك |
التفسير الكبير |
تقريب الوصول إلى علم الأصول لابن جزي – بتحقيق شيخنا فضيلة الدكتور محمد المختار بن الشيخ محمد الأمين ص 493-508. |
التمهيد1/10. |
جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر2/80. |
الجامع لأحكام لقرآن10/208. |
الذريعة في أحكام الشريعة للراغب الأصفهاني ص170. |
الرسائل الشمولية للدكتور عبد العزيز الحميدي ص293. |
الرسالة ص 560-563. |
رفع الحرج لفضيلة معالى الدكتور صالح بن حميد ص 312،313، |
الموافقات 1/58-59. |
سنن الدار قطني 1/26. |
سنن النسائي كتـاب النكاح – بــاب إذا استشارت المرأة رجلا فيمن يخطبها هل يخبرها بما يعلم 6/76. |
شرح النووي على صحيح مسلم 2/24. |
صحيح مسلم – كتاب الحج 4/53. |
صحيح مسلم 1/502 رقم 101 |
الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم 2/519. |
طريق الهجرتين 1/221. |
فتح الباري – باب رحمة الناس والبهائم. |
فتح الباري 12/187. |
فتح الباري 13/318. |
فتح الباري 8/743،الفتاوى12/492. |
الفرق 161من |
الفروق للقرافي، و |
فيض القدير 1/209. |
فيض القدير6/253 |
القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد لمحمد بن عبد العظيم الرومي الحنفي بتحقيق د/ جاسم المهلهل وعدنان سالم الرومي ص 142. |
كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع لأبي محمد مكي بن أبي طالب 2/222، |
الكفاية للخطيب ص 402. |
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 1/484. |
المستصفى للغزالي 1/284، |
مشكاة المصابيح للتبريزي 1/67،68.رقم 193. |
المفردات للراغب الأصفهاني ص157في مادة (خلف). |
مقاصد الشريعة الإسلامية للطاهر67-72. |
مقدمة سنن الدارمي 1/151. |
النشر في القراءات العشر للحافظ الجزري 2/356ط: دار الكتب العلمية- بيروت، وانظر: |
نيل الأوطار8/101ط دار الكتب العلمية ببيروت). |
والتمهيد11/139، |
وأهم شروط المصلحة :1-أن يكون وقوعها محققا أو غالبا.2-أن تكون عامة ، أو خاصة لا تعارض عامة.3- أن تكون معقولة المعنى.4-أن تكون متعلقة بالضروريات أو الحاجيات.- على ختلاف بين العلماء في بعضها، وانظ |
[1] - انظر الذريعة في أحكام الشريعة للراغب الأصفهاني ص170.
[2]- آداب الاختلاف لعوامة ص 8.
[3] - الصحاح للجوهري 4/1357، وانظر:بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي 2/562.
[4] - الصحاح 4/1355.
[5]-المرجع نفسه.
[6] - انظر المفردات للراغب الأصفهاني ص157في مادة (خلف).
[7] - الدر المختار 4/331، بواسطة كتاب (أدب الختلاف في مسائل العلم والدين لمحمد عوامة).
[8] -آداب الاختلاف (موضوع مقدم للمؤتمر الإسلامي العام الرابع)الذي عقد بالرابطة في محرم من عام 1423هـ.
[9] - سورة مريم الآية37.
[10] -سورة البقرة الآية 113.
[11] - سورة هود الآية 88.
[12] - سورة النور الآية 63.
[13] - سورة الإسراء الآية 76.
[14] سورة المائدة الآية33.
[15] سورة فاطر الآية 27.
[16] - انظر الفتاوى 22/407.
[17]- أدب الاختلاف؛ نهاية كلام الشيخ عبد الله بن بية .
[18]- انظر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم 2/519.
[19] - سورة يونس- عليه السلام- الآية 99.
[20] - سورة هود-عليه السلام، الآية : 119،118.
[21] -رواه البخاري في باب أمر الحاكم إذا اجتهد، وانظر: فتح الباري 13/318.
[22] - إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 2/63-68.
[23] - العقيدة الطحاوية ص581،وفتاوى شيخ الإسلام13/333.
[24] - سير أعلام النبلاء 5/271.
[25] - انظر : تقريب الوصول إلى علم الأصول لابن جزي – بتحقيق شيخنا فضيلة الدكتور محمد المختار بن الشيخ محمد الأمين ص 493-508.
[26] - سنن النسائي كتـاب النكاح – بــاب إذا استشارت المرأة رجلا فيمن يخطبها هل يخبرها بما يعلم 6/76.
[27] -مجموع الفتاوى 10/383،384.
[28] - الأم 6 / 222.
[29] - الأم - 7 / 56.
[30] - البرهان في علوم القرآن 2/54.
[31] - الفتاوى 3/346،والرسائل الشمولية للدكتور عبد العزيز الحميدي ص293.
[32] - سورة آل عمران الآية 103.
[33] - سورة آل عمران الآية 105.
[34] - رواه البخاري في باب أمر الحاكم إذا اجتهد، وانظر: فتح الباري 13/318.
[35] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 1/484.
[36] - الموافقات:4/167.
[37] - سورة البقرة الآية 83.
[38] - الجامع لأحكام القرآن 2/16.
[39] - التمهيد، ابن عبد البر 11/54.
[40] - شرح النووي على صحيح مسلم 2/24.
[41] - الموافقات للشاطبي 2/174،175.
[42] - فيض القدير 1/209.
[43] - انظر الفرق 161من الفروق للقرافي، وأعلام الموقعين لابن القيم 3/89، حيث قال رحمه الله: ومن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأحوالهم وقرئنها فقد ضل وأضل.
[44] -الرسالة ص 560-563.
[45] -راجع أدب الاختلاف للعلامة الشيخ عبد الله بن بيه ص17-19،والاعتصام للشاطبي 2/129-133.
[46] - انظر: رفع الحرج لفضيلة معالى الدكتور صالح بن حميد ص 312،313،وأهم شروط المصلحة :1-أن يكون وقوعها محققا أو غالبا.2-أن تكون عامة ، أو خاصة لا تعارض عامة.3- أن تكون معقولة المعنى.4-أن تكون متعلقة بالضروريات أو الحاجيات.- على ختلاف بين العلماء في بعضها، وانظر المستصفى للغزالي 1/284،وأصول الفقه للخضري بك ص 311، ومقاصد الشريعة الإسلامية للطاهر67-72.
[47] رواه مسلم في كتاب الإيمان رقم (178).
[48] كتاب بدء الخلق رقم 3063 .
[49] كتاب البخاري –في كتاب التوحيد -رقم 6945.
[50] -التفسير الكبير31/104.
[51] -أول سورة الإسراء.
[52] -الجامع لأحكام لقرآن10/208.
[53] سورة غافر الآية 46، انظر الجامع 15/319.
[54] -فتح الباري 3/235ط : السلفية.
[55] -الصافات الآية12.
[56] - كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع لأبي محمد مكي بن أبي طالب 2/222،النشر في القراءات العشر للحافظ الجزري 2/356ط: دار الكتب العلمية- بيروت، وانظر: فتح الباري 8/743،الفتاوى12/492.
[57] - مجموع الفتاوى23/346.
[58] - سير أعلام النبلاء 14/374.
[59] انظر قول الشوكاني –رحمه الله-بعد أن ذكر المبيحين: هؤلاء جميعا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة ، وأما مجرد الغناء من غير آلة فقد نقل الأدفوي في الإمتاع والغزالي في بعض تآليفه الفقهية الاتفاق على حله، ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعين عليه (نيل الأوطار8/101ط دار الكتب العلمية ببيروت).
[60] - صحيح مسلم – كتاب الحج 4/53.
[61]- الاستذكار 4/282رقم الفقرة 5096.
[62] -الفتاوى 30/79.
[63]- الاعتصام للشاطبي، 395 : 2.
[64]- مقدمة سنن الدارمي 1/151.
[65]- انظر الفتاوى30/80، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر2/80.
[66] صحيح مسلم 3/216.
[67] - ومن أمثلة ذلك ما وقع بين الإمامين ( مالك والليث بن سعد) ومعلوم ما بينهم من مراسلات واختلاف وود وصلة، وانظر : أعلام الموقعين لابن القيم .
[68] سير أعلام النبلاء 10/16.
[69] - الاستذكار1/218، والتمهيد11/139، القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد لمحمد بن عبد العظيم الرومي الحنفي بتحقيق د/ جاسم المهلهل وعدنان سالم الرومي ص 142.
[70] - سير أعلام النبلاء 5/271.
[71] -رضي الله عنهما الذي عاش ما بين:( 80-122هـ).
[72] - سورة الحشر، الآية 10.
[73] انظر : إبـراهيم بـن علي الوزير، زيـد بن عـلي : جـهاد حـق ودائم، واشنطن، منشورات كتاب واشنطن، 1999، ص 83-82.
[74] -متفق عليه .
[75] الفتح 2/139.
[76] - انظر فتح الباري 12/187.
[77] - الفتاوى انظر الفتاوى 4/17
[78] - جامع بيان العلم وفضله 2/36وهو في ترجمته في حلية الأولياء كذلك.
[79] - طريق الهجرتين 1/221.
[80] الفتاوى 10/383.
[81] انظر: ترتيب المدارك 1/192،والتمهيد1/10.
[82] صحيح البخاري، 449 : 10 في كتاب الأدب. وصحيح مسلم، 139 / 16 في كتاب البر والصلة والآداب.
[83] -شرح النووي على صحيح مسلم 16/139.
[84] -انظره في فتح الباري – باب رحمة الناس والبهائم.
[85] -الفتاوى 22/406
[86] -الكفاية للخطيب ص 402.
[87] - سنن الدار قطني 1/26.
[88] - سير أعلام النبلاء 10/33.
[89] صحيح مسلم بشرح الإمام النووي في باب "تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل".
[90] -المرجع السابق نفسه.
[91] المسند 5/335.
[92] -فيض القدير6/253
55-انظر أحكام القرآن للقرطبي 2/131.
[93] - سورة البقرة الآية 83.
[94] - الجامع لأحكام القرآن 2/16.
[95] - سير أعلام النبلاء 6/310-316.
-55رواه البخاري في صحيحه – في كتاب الجزية والموادعة ، ومسلم ، وهذا لفظ مسلم كما في كتاب الجهاد والسير3/1411رقم 93، وهو الذي اقتصر عليه الشاطبي في الموافقات 1/58-59.
[97] - صحيح مسلم 1/502 رقم 101
[98] - المسند 1/73رقم 73.
[99] - ترتيب المدارك 1/ 189.
[100] تذكرة الحفاظ للذهبي (في ترجمة أبي داود صاحب السنن )2/591-593رقم 615.
[101] - مشكاة المصابيح للتبريزي 1/67،68.رقم 193.
[102] - ترتيب المدارك 1/170 .
[103] - ترتيب المدارك 1/54.
[104].- ترتيب المدارك 1/53
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق